المرأة العربية والإبداع الشعري
علي خليل حمد
يهدف
كتاب "المرأة العربية والإبداع الشعري" للكاتبة سهام عبد الوهاب الفريح
إلى عدة أمور أهمها: إبراز دور المرأة العربية في الإبداع الشعري، والدفاع
عن مكانة المرأة العربية في المجتمعات العربية عبر العصور، وتطور شعر
المرأة العربية منذ ما قبل الإسلام إلى الوقت الحاضر.
يشتمل الكتاب على
ثلاثة موضوعات رئيسة: مكانة المرأة العربية قبل الإسلام وبعده، وشعر
المرأة العربية فيما قبل النهضة، وشعرها فيما بعد النهضة.
مكانة المرأة العربية قبل عصر النهضة
تؤكد
المؤلفة أن حال المرأة العربية قبل الإسلام لم يكن في أسوأ الأحوال دون
حال نظيراتها في المجتمعات الأخرى، وأن اضطهاد المرأة لم يكن سائداً في
جميع الأنحاء التي تواجد فيها العرب، وتضرب مثلاً ذلك وجود ملكتين أثبتتا
وجودهما في التاريخ العربي هما "زنوبيا" ملكة تدمر، وبلقيس ملكة سبأ في
اليمن، كما تتحدث عن ملكات عربيات غيرهما.
وإذا كانت المرأة قد حرمت من
حقوق كثيرة قبل الإسلام، فإن الإسلام رد إليها تلك الحقوق مثل حق
التَّملُّك، وحق الميراث الذي فصل القول فيه في (سورة النساء). وفي الصعيد
العملي عملت المرأة المسلمة بالتجارة وشاركت الرجل ونافسته في هذا المجال،
ومن الأمثلة على ذلك السيدة عائشة أم المؤمنين؛ ويذكر الكتاب أيضاً (ص24)
قيام عمر بن الخطاب بتولية امرأة اسمها (الشفاء) على سوق المدينة، وهو
منصب قضائي، كما ولى امرأة أخرى منصباُ مماثلاً على سوق مكة.
يُوجد عدد
من الأمثلة على مشاركة المرأة العربية في مجالات اجتماعية مختلفة في العهد
الأموي والعصر العباسي الأول، كما يتبين من الدور الثقافي الذي لعبته
سكينة بنت الحسين ذات "الصالون" الأدبي، وعليّه بنت المهدي في ميدان العزف
والغناء، والخنساء في الشعر، والخارجية ليلي بنت طريف في الحرب والسياسة،
وغيرهن.
يتناول الكتاب مسألة سفور المرأة، وتشير وجهة نظر المؤلفة إلى
أن المرأة العربية قبل الإسلام كانت تتمتع بحرية التصرف في هذا الشأن، غير
أنها تورد ما قاله الجاحظ من أن "الحجاب لم يكن في الجاهلية، وإن شريفات
النساء خالطن الرجال في الجاهلية والإسلام"
(ص 23).
وهنا لا بد من
لفت النظر إلى تغير الروايات التاريخية بتغير العصور، حيث تلعب
الأيديولوجية السائدة في عصر ما دوراً كبيراً في تشويه صورة العصر السابق
له إذا كان لها مصلحة ما في ذلك، ولذا يستلزم الأمر التحفظ في إصدار
الأحكام وبخاصة في القضايا الحساسة من مثل قضية المرأة ودورها ومكانتها في
هذا العصر التاريخي أو ذاك.
المرأة العربية والشعر فيما قبل عصر النهضة
من
الأمور المثيرة للاهتمام دور المرأة العربية كناقدة للشعر، وهو ما نجده
لدى زوجة أمرئ القيس في المفاضلة بين شعره وشعر علقمة الفحل ، ولدى سكينة
بنت الحسين، وعزة حبيبة كثير عزة، وغيرهما.
وقد ناقشت المؤلفة في هذا
الفصل القضية الشائعة التي تقول إنّ شعر المرأة يغلب عليه الحزن ، وإن
معظم قصائد الشواعر العربيات هي في مجال الرثاء، ورفضت مثل هذا القول، وهي
محقة في ذلك. ونحن نرى أن شعر المرأة قد اختلف وتنوع بحسب الزمان؛ فقد كان
موافقاً للقول المذكور في عصر الغزو والقتال فيما قبل الإسلام وعهد الفتوح
التالية له، كما يتبين في قصائد الخنساء وغيرها. أما في العصر العباسي،
فقد كان شعر المرأة مختلفاً تماماً، فقد برز فيه الغزل والحب بوضوح، ولا
نعتقد صحة ما تقوله المؤلفة في تفسير ذلك، من أن هذا الشعر هو شعر الجواري
والقيان فحسب، إذ إن الأمثلة التي ذكرتها المؤلفة لا تطابق ذلك تماماً،
ومن هذا قول عليّة بنت المهدي (ص 51):
أَلِبْس الماء مداما
واسقني حتى أناما
وأفض جودك في الناس
تكن فيه إماما
لعن الله أخا البخل
وإن صلّى وصاما
ويقال الشيء نفسه عن شعر المرأة العربية في الأندلس، حيث نجد ولاّدة بنت المستكفي تقول:
أنا والله أصلح للمعالي
وأمشي مشيتي وأتيه تيها
وأمكن عاشقي من لثم خدي
وأعطي قبلتي من يشتهيها
وفي
مقابل هذا النوع من الشعر، نجد المرأة العربية تنظم الشّعر السياسي الحزبي
وبخاصة لدى شواعر الشيعة والخوارج، كما ذكرت المؤلفة (ص ص 86-92)
يمكن
القول بأن مكانة المرأة العربية كانت أفضل نسبياً من نظيراتها في الأمم
الأخرى في أواخر العصر الجاهلي إلى نهاية العصر العباسي الأول، كما تبين
من شعر المرأة العربية في تلك الحقبة من الزمن، أما بعدئذ، وبخاصة في عهد
الظلمات العثماني فقد انحطت مكانة المرأة انحطاطاً مروعاً، فأصبحت المرأة
مثل السلعة التي تباع وتشترى، وأصبح الغزل في المرأة من نوع الجنس
المكشوف، ولا نكاد نسمع عن شعر نسوي طوال تلك الفترة.
شعر المرأة العربية في عصر النهضة
بدأ
عصر النهضة العربية مع قيام الدولة المصرية المستقلة عن الحكم العثماني في
عهد محمد علي الكبير، ومع ارتفاع درجة التفاعل الثقافي والفكري مع أوروبا
في مصر وبلاد الشام في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ومع منعطف القرن
برزت حركة نسوية ثقافية مماثلة لنظيرتها في العهدين الأموي والعباسي
الأول، فظهرت الصالونات الأدبية، وكتبت المرأة الشعر والأدب بعد قرون من
الصمت الأليم في ظلمات العهد العثماني التي غشت على أبصار النساء والرجال
جميعاً.
استهلت مؤلفة الكتاب حديثها عن عصر النهضة باستعراض سريع
لرائدات الشعر العربي النسوي في مصر والشام مثل عائشة التيمورية، ووردة
اليازجي، وبحديث قصير عن صالون مي زيادة بنت الناصرة، الذي اجتذب إليه
عمالقة الأدب في القاهرة؛ ثم أوضحت المؤلفة أنها اختارت عينة من الشواعر
العربيات من مختلف الأقطار العربية لتمثيل شعر المرأة العربية في العصر
الحديث.
نازك الملائكة
نشأت الشاعرة العراقية نازك الملائكة
في بيئة أدبية: أب مثقف وبخاصة في العربية، وأم شاعرة، وتخصص في الأدب
المقارن، فلا غرو أن تتجه إلى ما اتجهت إليه من تحرر في الشعر؛ كان
ديوانها الأول (عاشقة الليل) يستلهم علي محمود طه في تنوع القوافي والصبغة
الرومانتيكية، أما في ديوانها الثاني (شظايا ورماد) عام 1949 فقد خرجت على
طريقة الشعر العمودي مؤثرة الالتزام بالتفعيلة الواحدة في القصيدة
الواحدة، مما جعل المؤلفة –وغيرها- تعتبرها رائدة الشعر العربي الحديث، في
حين اعتبر آخرون السياب صاحب السبق في ذلك؛ ومما يذكر لنازك في هذا الشأن
تنظيرها للشعر الحديث في كتاب (قضايا الشعر المعاصر)، ودراستها النقدية
لمختلف نصوص الشعر الحديث، والشعر العربي في القرن العشرين بوجه عام.
تورد
المؤلفة إشارة سلمى الجيوسي إلى أن قضايا المرأة لم تظهر في شعر نازك، وإن
كان لها حضور ما في أدبها الفكري، وتبرز المؤلفة أيضاً غلبة التشاؤم عليها
لأسباب عدة من اعتلال صحتها، وإن تكن قد اتجهت إلى التصوّف في أيامها
الأخيرة.
فدوى طوقان
عرفتها المؤلفة بقولها: "هي واحدة من
شاعرات العصر الحديث ارتبط اسمها بالقضية الفلسطينية؛ فلا يمكن لدارس شعر
هذه القضية أن يتجاوز اسم فدوى طوقان ونتاجها الشعري؛ وإن طغى على ديوانها
شعر الحب حتى قيل عنها بأنها ولجت في عالم العشق بجرأة وجسارة تفوقت بها
على نازك الملائكة".
وأبرزت المؤلفة المؤثرات الكبيرة في حياة فدوى
طوقان، مثل موت أخيها الشاعر الكبير إبراهيم طوقان، والنكسات التي حلت
بالقضية الفلسطينية؛ وتحدثت أيضاً عن الخصائص الفنية لشعرها ولا سيما عدم
"الغرق" في الرمز الذي يصل حد الإبهام، ودور الطبيعة والمؤثرات القومية
والاجتماعية في شعرها.
لميعة عباس عمارة
أبرزت المؤلفة
اختلافها عن نازك بالفرح في شعر الحب لديها، ورفضها القيود في التعبير عن
الحب في قصائدها المختلفة، وغلبة الشوق والحنين إلى وطنها العربي في
قصائدها الأخيرة .
مريم البغدادي
تمثل الشاعرة مريم
البغدادي النمط الغالب في شعر المرأة في منطقة الخليج، أي النمط الذي تسود
فيه "الشكوى من ضياع الحقوق كاختيار الزوج وحق العمل." (ص182). وقد لجأت
مريم البغدادي إلى الرمز والتورية بالتعبير عن الرجل بالليل أو الأيام أو
الدهر في كثير من قصائدها.
وأحياناً تتحدث بصراحة تامة، كما في قولها:
سئمت العيش في ركن السبايا
فليس الذل من طبعي ودابي
أو :
تزوجت البخيل فضاق صدري
بِه من بخله ذابت عظامي
ومغرورٍ وليت له جمالا
بشكل أو بزي أو قوامِ
وقد طلقت منه وكان أجدى
طلاقي من بقائي من مقامي
علي خليل حمد
يهدف
كتاب "المرأة العربية والإبداع الشعري" للكاتبة سهام عبد الوهاب الفريح
إلى عدة أمور أهمها: إبراز دور المرأة العربية في الإبداع الشعري، والدفاع
عن مكانة المرأة العربية في المجتمعات العربية عبر العصور، وتطور شعر
المرأة العربية منذ ما قبل الإسلام إلى الوقت الحاضر.
يشتمل الكتاب على
ثلاثة موضوعات رئيسة: مكانة المرأة العربية قبل الإسلام وبعده، وشعر
المرأة العربية فيما قبل النهضة، وشعرها فيما بعد النهضة.
مكانة المرأة العربية قبل عصر النهضة
تؤكد
المؤلفة أن حال المرأة العربية قبل الإسلام لم يكن في أسوأ الأحوال دون
حال نظيراتها في المجتمعات الأخرى، وأن اضطهاد المرأة لم يكن سائداً في
جميع الأنحاء التي تواجد فيها العرب، وتضرب مثلاً ذلك وجود ملكتين أثبتتا
وجودهما في التاريخ العربي هما "زنوبيا" ملكة تدمر، وبلقيس ملكة سبأ في
اليمن، كما تتحدث عن ملكات عربيات غيرهما.
وإذا كانت المرأة قد حرمت من
حقوق كثيرة قبل الإسلام، فإن الإسلام رد إليها تلك الحقوق مثل حق
التَّملُّك، وحق الميراث الذي فصل القول فيه في (سورة النساء). وفي الصعيد
العملي عملت المرأة المسلمة بالتجارة وشاركت الرجل ونافسته في هذا المجال،
ومن الأمثلة على ذلك السيدة عائشة أم المؤمنين؛ ويذكر الكتاب أيضاً (ص24)
قيام عمر بن الخطاب بتولية امرأة اسمها (الشفاء) على سوق المدينة، وهو
منصب قضائي، كما ولى امرأة أخرى منصباُ مماثلاً على سوق مكة.
يُوجد عدد
من الأمثلة على مشاركة المرأة العربية في مجالات اجتماعية مختلفة في العهد
الأموي والعصر العباسي الأول، كما يتبين من الدور الثقافي الذي لعبته
سكينة بنت الحسين ذات "الصالون" الأدبي، وعليّه بنت المهدي في ميدان العزف
والغناء، والخنساء في الشعر، والخارجية ليلي بنت طريف في الحرب والسياسة،
وغيرهن.
يتناول الكتاب مسألة سفور المرأة، وتشير وجهة نظر المؤلفة إلى
أن المرأة العربية قبل الإسلام كانت تتمتع بحرية التصرف في هذا الشأن، غير
أنها تورد ما قاله الجاحظ من أن "الحجاب لم يكن في الجاهلية، وإن شريفات
النساء خالطن الرجال في الجاهلية والإسلام"
(ص 23).
وهنا لا بد من
لفت النظر إلى تغير الروايات التاريخية بتغير العصور، حيث تلعب
الأيديولوجية السائدة في عصر ما دوراً كبيراً في تشويه صورة العصر السابق
له إذا كان لها مصلحة ما في ذلك، ولذا يستلزم الأمر التحفظ في إصدار
الأحكام وبخاصة في القضايا الحساسة من مثل قضية المرأة ودورها ومكانتها في
هذا العصر التاريخي أو ذاك.
المرأة العربية والشعر فيما قبل عصر النهضة
من
الأمور المثيرة للاهتمام دور المرأة العربية كناقدة للشعر، وهو ما نجده
لدى زوجة أمرئ القيس في المفاضلة بين شعره وشعر علقمة الفحل ، ولدى سكينة
بنت الحسين، وعزة حبيبة كثير عزة، وغيرهما.
وقد ناقشت المؤلفة في هذا
الفصل القضية الشائعة التي تقول إنّ شعر المرأة يغلب عليه الحزن ، وإن
معظم قصائد الشواعر العربيات هي في مجال الرثاء، ورفضت مثل هذا القول، وهي
محقة في ذلك. ونحن نرى أن شعر المرأة قد اختلف وتنوع بحسب الزمان؛ فقد كان
موافقاً للقول المذكور في عصر الغزو والقتال فيما قبل الإسلام وعهد الفتوح
التالية له، كما يتبين في قصائد الخنساء وغيرها. أما في العصر العباسي،
فقد كان شعر المرأة مختلفاً تماماً، فقد برز فيه الغزل والحب بوضوح، ولا
نعتقد صحة ما تقوله المؤلفة في تفسير ذلك، من أن هذا الشعر هو شعر الجواري
والقيان فحسب، إذ إن الأمثلة التي ذكرتها المؤلفة لا تطابق ذلك تماماً،
ومن هذا قول عليّة بنت المهدي (ص 51):
أَلِبْس الماء مداما
واسقني حتى أناما
وأفض جودك في الناس
تكن فيه إماما
لعن الله أخا البخل
وإن صلّى وصاما
ويقال الشيء نفسه عن شعر المرأة العربية في الأندلس، حيث نجد ولاّدة بنت المستكفي تقول:
أنا والله أصلح للمعالي
وأمشي مشيتي وأتيه تيها
وأمكن عاشقي من لثم خدي
وأعطي قبلتي من يشتهيها
وفي
مقابل هذا النوع من الشعر، نجد المرأة العربية تنظم الشّعر السياسي الحزبي
وبخاصة لدى شواعر الشيعة والخوارج، كما ذكرت المؤلفة (ص ص 86-92)
يمكن
القول بأن مكانة المرأة العربية كانت أفضل نسبياً من نظيراتها في الأمم
الأخرى في أواخر العصر الجاهلي إلى نهاية العصر العباسي الأول، كما تبين
من شعر المرأة العربية في تلك الحقبة من الزمن، أما بعدئذ، وبخاصة في عهد
الظلمات العثماني فقد انحطت مكانة المرأة انحطاطاً مروعاً، فأصبحت المرأة
مثل السلعة التي تباع وتشترى، وأصبح الغزل في المرأة من نوع الجنس
المكشوف، ولا نكاد نسمع عن شعر نسوي طوال تلك الفترة.
شعر المرأة العربية في عصر النهضة
بدأ
عصر النهضة العربية مع قيام الدولة المصرية المستقلة عن الحكم العثماني في
عهد محمد علي الكبير، ومع ارتفاع درجة التفاعل الثقافي والفكري مع أوروبا
في مصر وبلاد الشام في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ومع منعطف القرن
برزت حركة نسوية ثقافية مماثلة لنظيرتها في العهدين الأموي والعباسي
الأول، فظهرت الصالونات الأدبية، وكتبت المرأة الشعر والأدب بعد قرون من
الصمت الأليم في ظلمات العهد العثماني التي غشت على أبصار النساء والرجال
جميعاً.
استهلت مؤلفة الكتاب حديثها عن عصر النهضة باستعراض سريع
لرائدات الشعر العربي النسوي في مصر والشام مثل عائشة التيمورية، ووردة
اليازجي، وبحديث قصير عن صالون مي زيادة بنت الناصرة، الذي اجتذب إليه
عمالقة الأدب في القاهرة؛ ثم أوضحت المؤلفة أنها اختارت عينة من الشواعر
العربيات من مختلف الأقطار العربية لتمثيل شعر المرأة العربية في العصر
الحديث.
نازك الملائكة
نشأت الشاعرة العراقية نازك الملائكة
في بيئة أدبية: أب مثقف وبخاصة في العربية، وأم شاعرة، وتخصص في الأدب
المقارن، فلا غرو أن تتجه إلى ما اتجهت إليه من تحرر في الشعر؛ كان
ديوانها الأول (عاشقة الليل) يستلهم علي محمود طه في تنوع القوافي والصبغة
الرومانتيكية، أما في ديوانها الثاني (شظايا ورماد) عام 1949 فقد خرجت على
طريقة الشعر العمودي مؤثرة الالتزام بالتفعيلة الواحدة في القصيدة
الواحدة، مما جعل المؤلفة –وغيرها- تعتبرها رائدة الشعر العربي الحديث، في
حين اعتبر آخرون السياب صاحب السبق في ذلك؛ ومما يذكر لنازك في هذا الشأن
تنظيرها للشعر الحديث في كتاب (قضايا الشعر المعاصر)، ودراستها النقدية
لمختلف نصوص الشعر الحديث، والشعر العربي في القرن العشرين بوجه عام.
تورد
المؤلفة إشارة سلمى الجيوسي إلى أن قضايا المرأة لم تظهر في شعر نازك، وإن
كان لها حضور ما في أدبها الفكري، وتبرز المؤلفة أيضاً غلبة التشاؤم عليها
لأسباب عدة من اعتلال صحتها، وإن تكن قد اتجهت إلى التصوّف في أيامها
الأخيرة.
فدوى طوقان
عرفتها المؤلفة بقولها: "هي واحدة من
شاعرات العصر الحديث ارتبط اسمها بالقضية الفلسطينية؛ فلا يمكن لدارس شعر
هذه القضية أن يتجاوز اسم فدوى طوقان ونتاجها الشعري؛ وإن طغى على ديوانها
شعر الحب حتى قيل عنها بأنها ولجت في عالم العشق بجرأة وجسارة تفوقت بها
على نازك الملائكة".
وأبرزت المؤلفة المؤثرات الكبيرة في حياة فدوى
طوقان، مثل موت أخيها الشاعر الكبير إبراهيم طوقان، والنكسات التي حلت
بالقضية الفلسطينية؛ وتحدثت أيضاً عن الخصائص الفنية لشعرها ولا سيما عدم
"الغرق" في الرمز الذي يصل حد الإبهام، ودور الطبيعة والمؤثرات القومية
والاجتماعية في شعرها.
لميعة عباس عمارة
أبرزت المؤلفة
اختلافها عن نازك بالفرح في شعر الحب لديها، ورفضها القيود في التعبير عن
الحب في قصائدها المختلفة، وغلبة الشوق والحنين إلى وطنها العربي في
قصائدها الأخيرة .
مريم البغدادي
تمثل الشاعرة مريم
البغدادي النمط الغالب في شعر المرأة في منطقة الخليج، أي النمط الذي تسود
فيه "الشكوى من ضياع الحقوق كاختيار الزوج وحق العمل." (ص182). وقد لجأت
مريم البغدادي إلى الرمز والتورية بالتعبير عن الرجل بالليل أو الأيام أو
الدهر في كثير من قصائدها.
وأحياناً تتحدث بصراحة تامة، كما في قولها:
سئمت العيش في ركن السبايا
فليس الذل من طبعي ودابي
أو :
تزوجت البخيل فضاق صدري
بِه من بخله ذابت عظامي
ومغرورٍ وليت له جمالا
بشكل أو بزي أو قوامِ
وقد طلقت منه وكان أجدى
طلاقي من بقائي من مقاميمنقوو