الانتماء الجنس

كيف
يتحدد الانتماء الجنسي

هل يتحدد الانتماء
الجنسي عن طريق الجينات أم
الهرمونات أم التربية؟.

منذ الوقت الذي اعتبر فيه فرويد
المثلية الجنسية شذوذا ناتجا عن
عقدة أوديب المعكوسة، قدم العلم
العديد من الفرضيات لتفسير
الظاهرة. واليوم، يتفق العديد
من الباحثين على تعدد العوامل
البيولوجية والبيئية
والاجتماعية والثقافية التي
تؤثر على الانتماء الجنسي من
غير أن يكون هناك عامل رئيسي.
الانتماء الجنسي للأطفال لا
يتحدد بصفة نهائية عند ولادتهم.
من المؤكد أنهم سيخضعون إلى
ضغوطات ثقافية واجتماعية
تدفعهم إلى اتباع التقسيم
الشائع. ولكن إلى أي حد يؤثر
فيهم ذلك؟ لا نستطيع الإجابة عن
ذلك حاليا حتى في عصر تصوير
الدماغ وعلم الجينات الجزيئية.

منذ أكثر من ثلاثين عاما، حذفت
المثلية الجنسية من قائمة
الأمراض العقلية حيث اعترف
العلماء حتى المتشددين منهم على
كونها تصرفا طبيعيا عند العديد
من الفصائل الحيوانية (أكثر من
300) وربما عند الإنسان أيضا.
وقد بدأت فكرة أن المثلية
الجنسية ضد تطور الفصائل – كما
كان يتصور داروين- بالتراجع حيث
تم إثبات أن مهمة الجنس لا تقتصر
على تكاثر الفصائل وإنما يلعب
أيضا دورا اجتماعيا أساسيا
فمثلا عند البونوبو يسمح
للحيوانات بالتخفيف من
ضغوطاتهم ومن تقسيم الأكل بشكل
أفضل.

وعند الإنسان، يعتقد البعض أن
المثلية سببها جيني إلا أن
الأمر مازال قيد النقاش.

في سنة 1993، أعلن عالم الجينات
الجزيئية دين هامر في مجلة "علم"
الشهيرة أنه اكتشف الجين الذي
يقود إلى المثلية وسماه Xq28 .
ودام هذا الاعتقاد حتى عام 1999
حين نشر عالما الأعصاب جورج
رايس وجورج ايبرس بحثا في نفس
المجلة يعلننان فيه عدم وجود
علاقة بين هذا الجين والمثلية
الجنسية. وتواصلت الأبحاث منذ
ذلك الوقت لإيجاد سبب جيني
للمثلية الجنسية دون جدوى. أما
دين هامر فقد أعلن اكتشافه لجين
الإيمان...

يقول بول هاستينغز،عالم
نفساني، أنه من المرجح وجود
جينات تساهم في تكوين قابلية
يتم تعديلها فيما بعد عن طريق
العديد من العوامل الأخرى.

هناك بحوث أخرى أجريت تعتمد على
صور الدماغ إلا أن النتائج
مثيرة للجدل.

في عام 1985، اكتشف باحثون
هولنديون في دماغ الجرذان
الذكور جزءا صغيرا في hypothalamus
أكبر بمرتين مما هو عند الإناث.
حذف هذا الجزء لا ينتج عنه تغير
خاص إلا أن ال hypothalamus يمثل عند
بعض الباحثين أحد المراكز الذي
يخبئ فرقا أساسيا بين الرجال
والنساء وربما بين المثليين
وغيرهم.

في عام 2004، قام تشارلز روزلي
بتحليل أدمغة ثمانية من الكباش
المثليين. وقد اكتشف في ال
hypothalamus مجموعة من الأعصاب أقل
كثافة وأقل غنى بالأروماتاز (وهي
أنزيم مرتبطة بهرمون الذكورة)
منها في الكباش العادية. وهو يرى
في ذلك تفسيرا للانتماء الجنسي
لخرافه وربما عند الإنسان أيضا.
فهل الظاهرة تقتصر على تأثير
الهرمونات؟ ليس الأمر بهذه
البساطة فنحن نعلم منذ زمن طويل
أن العديد من النساء المصابة
بمرض يؤدي إلى تكوين أكثر
لهرمون الذكورة لا يصبحن مثليات.

منذ ثلاثة سنين، هناك علماء
يبحثون في الفرمونات، وهي
جزيئات تتدخل في التواصل بين
بعض الحيوانات مثل النحل. حيث
وجدت إيفنكا سافيك أن فرمونا في
عرق الرجال يؤثر بنفس الطريقة
على النساء العادية والرجال
المثليين ولكنه لا يؤثر على
بقية الرجال. فهل التجاذب
الجنسي مسألة روائح؟

"إذا كان الدماغ يستجيب لبعض
الروائح فذلك لأنه يعتبرها
عادية وطيبة لا لأنه كان مختلفا
في البداية، يؤكد بول هاستينغز.
لايجب أخذ النتائج على أنها
أسباب"

في السنوات الأخيرة، تم ربط
المثلية الجنسية إحصائيا
بعناصر بيولوجية مثل كون الفرد
يساري، أو امتلاك اصبع أطول
بقليل من اصبع آخر في اليد
اليمنى عند النساء المثليات.

كل هذه الأبحاث تعتمد على فرضية
إيديولوجية : لايوجد عند الفرد
إلا انتماءان جنسييان لاغير.
الثنائية الجنسية مثلا مازالت
تعتبر محرمة رغم عدم كونها مرضا.
إلا أن فكرة أن العالم لا ينقسم
بين مثليي الجنس homo ومختلطي
الجنس hetero بدأت تأخذ طريقها في
الأبحاث العلمية. قد يساهم ذلك
في السنوات القادمة في تعقيد
عملية البحث عن أسباب الانتماء
الجنسي.و يقترح عالم النفس
روبرت ابشتاين باعتبار
الانتماء الجنسي كمجموعة متصلة
من الانتماءات (continuum) تبدأ ب"100%
مثلي" وتنتهي ب"100% مختلط".

ترجمة من مقال نشر في
L'actualité