المساهمات : 320 تاريخ التسجيل : 24/02/2008 العمر : 33
موضوع: هل عثرنا على الاكوان الاخرى؟ الجمعة 7 مارس - 15:49:18
هل عثرنا على الاكوان الاخرى؟
علماء موجات الراديوالفلكي تمكنوا من العثور على منطقة فارغة، مساحتها تتجاوز كل المنطاق الفارغة التي عثرنا عليها في السابق. هذه المنطقة الفارغة تقع عنا على بعد حوالي 8 مليارات سنة ضوئية، ويصل قطرها الى مالايقل عن مليار سنة ضوئية.
ليست هذه هي المرة الاولى التي يلاحظ فيها العلماء منطقة فارغة. نحن نعلم بوجود حوالي 30 منطقة هائلة تمتد على مساحة بضعة ملايين السنوات الضوئية. المنطقة المكتشفة حديثا اكثر كبرا حتى بالمقارنة مع الكون المرئي. وهي من الكب الى درجة ان علماء الفيزياء المعنيين بالانفجار العظيم يجدون صعوبة في تفسير الامر.
المنطقة الزرقاء في الدائرة تشير الى المنطقة الباردة الفارغة
الان تعتقد مجموعة من علماء الفيزياء الامريكان انهم عثروا على تفسير مناسب، بالرغم من انها مثيرة للدهشة. حسب هؤلاء العلماء فأن هذه البقعة عبارة عن بصمة كون اخر تضغط على جدار عالمنا. مجموعة باحثين على رأسهم Laura Mersini-Houghton من جامعة ساوث كارولينا اشارت حساباتهم الى ان هذه المنطقة الفارغة نشأت بتأثير ارتطام عالمنا بالعالم الجار له في لحظة مبكرة من نشوئه. الكون المجاور قام بدفع الاجسام الكونية في المنطقة التي اصطدم بها في كوننا بحيث انها اصبحت خالية او تحوي اجسام كونية اقل.
المنطقة الفارغة الهائلة تم العثور عليها بالصدفة من قبل الفلكي Lawrence Rudnick ورفاقه من جامعة مينيسوتا إنطلاقا من كون صورة الاشعة الخلفية للكون التي التقطها القمر الصناعي WMPA ، قد اكتشفت منطقة كبيرة يظهر فيها بوضوح ان الاشعة الخلفية ابرد من المتوقع. في هذه المناطق الباردة ظهر انه لاتحتوي على مايسمى بالمادة المظلمة.
هذا الامر حث فريق البحث على دراسة توزيع إرسال المجرات الراديوية والكفازارات في إتجاه المنطقة الباردة. الى جانب ذلك تمكنوا من استخدام خريطة تموضع المجرات وبقية مصادر الموجات الراديوية التي جرى تنظيمها بمساعدة منظومة الالتقاط Very Large Arry وهي راديو تليسكوب في المكسيك. لقد ظهر انه لاتوجد اي مصدر للموجات الراديوية في منطقة تصل مساحتها الى مليارد سنة ضوئية. عدم وجود مصادر موجية تشير الى عدم وجود اي مجرة او مشروع مجرة في المنطقة المعنية. هذا الاكتشاف يجعلنا ننظر الى الكون بعيون اخرى.
لفترة طويلة يسود الاعتقاد وسط الفلكيين ان الكون يتكون من جسم متماثل، او وحيد النوع (homogen) بمعنى انه لو فحصنا منطقة بمساحة ، مثلا، 200 مليون سنة ضوئية، في اقصى الكون فيفترض انها تتشابه مع اي منطقة اخرى من الكون لها نفس المساحة. هذا الامر من واقع ان نظرية الانفجار العظيم تطالب بأن يكون الكون جسم متماثل عندما يكون في مثل هذا الحجم.
المنطقة الفارغة المكتشفة تتضارب مع مبدا التماثل، إلا إذا وجدنا مجموعة من البقاع المماثلة في المساحة في مناطق اخرى من الكون. والمشكلة ان الفلكيين والفيزياء الكوني يجد من الصعوبة تفسير كون لايملك جسم متماثل، في مساحات من هذا النوع.
ماذا يعني ذلك
إكتشاف المنطقة الفارغة كان في الحقيقة قمة العمل ببناء خريطة البنية الكبرى للكون. إذا نظرنا الى الكون بشكله الكلي نرى انه مؤلف من مجرات. هذه المجرات بدورها تشكل جماعات مجرية (الهوبر)، التي يمكن ان تتألف من بضعة مجرات بعدد اصابع اليد او آلاف المجرات. الهوبر، بدورها تشكل السوبر هوبر، ومجرة درب التبانة عضو في هوبر صغير يتكون من 50 مجرة. وهذا الهوب بدوره عضو في السوبر هوب المسمى Virgosuperhop, والذي يغطي مساحة تبلغ 50 مليون سنة ضوئية، في حين توجد سوبرهوبات اكبر من ذلك بكثير. عادة تكون السوبرهوبات مسطحة او مستطيلة ومع بعضهم يشكلون مايشبه كرات هوائية في رغوة الصابون في حوض الحمام.
بمسطرة اكبر المقاييس التي نملكها يمكن تشبيه الكون ببنية رغوة الصابون، حيث سوبرهوب تكون الجدران التي تحيط بالفقاعات الفارغة الهائلة والتي تخلو من المجرات. وبالرغم من ان تفسير هذه البنية كانت احدى تحديات فيزياء الكون الا انهم نجحوا في ذلك. ولكن المنطقة الفارغة التي عثر الفلكيين عليها اخيرا يمكنها ان تؤثر على رؤيتنا السابقة للانفجار العظيم.
يعمل الفلكيين اليوم على إعادة حساباتهم وبناء موديلات جديدة مختلفة، في محاولة لاعادة بناء خريطة البنية الكبرى، ولديهم العديد من المعطيات القياسية التي يجب إعادة تدقيقها. احدى اهم المعطيات القياسية هي نوعية وكمية المادة المظلمة. القصد وراء ذلك ان الفيزيائيين يرون انه يوجد من المادة المظلمة كمية اكبر بستة مرات من المادة المعلومة. وإذا كانت النظرية تصر على ان الكون متشابه الجسم فإن ذلك سيعني ان المادة المظلمة متوزعة بإنتظام اكثر من المادة المرئية التي نراها على شكل مجرات. إذا كانت المادة المظلمة فعلا منتشرة بطريقة متساوية فليس هناك مشكلة في التوزيع الغير متساوي للمادة المرئية. مع بعض ستكون المحصلة هي جسم متشابه، بالرغم اننا لانرى الامر بهذا الشكل في منطقة المادة المرئية.
لهذا السبب فأنه من المهم معرفة وضعية إنتشار المادة المظلمة. نحن لانستطيع رؤية المادة المظلمة ولكنها تكشف عن نفسها من خلال تأثير جاذبيتها على الضوء القادم من اطراف الكون. هذا الامر يمكن قياسه، وفي نهاية عام 2006 جاءت معطيات من التليسكوب موبيل ومن تليسكوبات في هاواي وتشيلي.
من خلال مقارنة هذه المعطيات وتحليلها تمكن الباحثين من الوصول الى ان المادة المظلمة بعيدة عن ان تكون منتشرة بإنتظام. على مايبدو، فأنها منتشرة بنفس طريقة المادة المرئية. الوقائع تشير الى وجود مناطق كبيرة في الكون فارغة تماما، ليس فقط من المادة المرئية ولكن من المادة المظلمة ايضا.
انطلاقا من هذا الاكتشاف الذي يشير الى ان الكون ليس جسم متجانس، في الابعاد التي تتجاوز مليار سنة ضوئية، يكون من الصعب الاستمرار بالادعاء بأنه متجانس. مع ذلك لابد من الاشارة الى حسابات المادة المظلمة لازالت في حقل " الغير مؤكدة بشكل كبير"، الى درجة ان عدد كبير من الفلكيين لازال يصر على وجود فرق في التوزيع بين المادتين. إذا ظهر ان المادة المظلمة موزعة بشكل متجانس على الاقل بمرتين بالنسبة للمادة المرئية فإن ذلك يحل جزء من المشكلة ، ولكن من الناحية العلمية ليس من الصحيح القيام بإكتشاف ثوابت مناسبة وقابلة للتعديل الى ان نصل الى النتائج المطلوبة.
يوجد عدد من الاكوان الاخرى
لهذه الاسباب بدء بعض الباحثين العلماء بالبحث عن اجوبة اخرى في محاور جديدة. احدى الفرق العلمية بقيادة الفيزيائي Luciano Pietronero, من جامعة روما قام بتحليل انتشار المادة الكونية من زاوية نظر جديدة. وجهة نظرهم التي توصلوا اليها تقول ان الكون ليس متجانس وانما وانما "مقاطع". لشرح هذا الامر نقول ان الكون ، حسب الرياضيين، يمكن اعتباره متماثل داخلياً بجميع المساطر القياسية. اي إذا نظرنا الى قطعة منه على حدة التي قد تظهر لنا غير متماثلة او غير متوزعة بتجانس فأننا سنعاود ايجاد اللاتجانس نفسه بمسطرة قياس عشوائية ذات ابعاد اكبر. بمعنى اخر كما هو الامر في الاحصائيات التي تنظر الى الكل من خلال العينات.
الان جاءت نظرية جديدة تحاول تفسير الامر. تقول هذه النظرية ان المنطقة الفارغة هي بسبب إتكاء كوننا على كون اخر من نفس النوع. هذه النظرية تملك جذورها في نظرية الاوتار الفائقة او العوالم المتناظرة، التي تقول ان كل شئ يتكون من اوتار مهتزة في الزمكان المؤلف من 10-11 بعد. احدى سلبيات هذه النظرية انها تصف اكثر من عالم واحد. نظرية الاوتار الفائقة تحتاج الى مايقرب 105000 عالم (فتي) اخر، وهذا الامر من الصعب التعايش معه لكوننا تمكننا من ملاحظة " واحد فقط" ظهر انه بهذا الكبر المطلوب ليكون عالماً.
العالم Mersini-Houghton, اكتشف طريقة تصبح بموجبها جميع هذه العوالم الصغيرة التي تطالب بها نظرية الاوتار الفائقة موحدة في واحدة كعالمنا الى جانب بضعة عوالم اخرى محدودة العدد كجيران كونيين. هذه النظرية تفترض وجود منطقة فراغ هائلة في عالمنا، هذه المنطقة الفارغة نشأت بسبب ان هذه العوالم الفتية الاخرى تقف في تماس مع بعضها البعض، قائم على ميكانيك الكوانتم، منذ مليارات السنوات. حسب هذه النظرية يجب ان توجد منطقة فارغة هائلة اخرى في مكان ما. لهذا السبب بدأت التليسكوبات الان في البحث عنها.